Facebook Login JavaScript Example

 

 

 
 

> الصفحة الرئيسية - الفكر - علوم الطاقة

 

 

الكلمات أفكار، والأفكار كلمات

 

 

    اللغة الكلامية، التي هي عبارة عن مجموعة أحرف وكلمات وجمل، التي يمكن أن ننطقها ونسمعها ونكتبها، هي الوسيلة الأكثر تداول بين بني البشر، ولم يمر في التاريخ مجتمع من المجتمعات ليست له لغة كلامية، فالناس يتحدثون، يكتبون ويقرؤون ويسمعون. هي الوسيلة الأكثر تداول لأنها الأكثر مقدرة على توصيل المعلومات (أي الشيفرات) والأفكار.
ويمكن أن يكون المرء قد قرأ بأن اللغة الجسدية تحكم الحوار بنسبة 90%، وهي الأكثر قدرة على التأثير والتواصل منها إلى اللغة الكلامية. ونحن لا نناقض هذا الكلام حينما يريد المرء أن يتواصل على مستوى يختلف عن مستوى العقل.. أي أن يلعب في مساحة أخرى. فتضل اللغة الكلامية هي التي تتربع على عرش الحوارات بكل أشكالها المسموعة والمنطوقة والمكتوبة، وإن كانت الحوارات فنية، فلسفية، علمية، دينية... إلخ.

حينما نكتب فقرة على ورقة ما، فإننا ننقل أفكارنا إلى الورقة، وحينما يقرأها شخص ما، فإنه يقرأ أفكارنا التي نقلناها على الورقة. فبالتالي تكون أفكارنا قد انتقلت من عقلنا إلى الورقة، ثم إلى عقل الآخر. فبالتالي، أصبحت الكلمات المكتوبة على الورقة عبارة عن أفكار. فإذن الأفكار عبارة عن كلمات، والكلمات عبارة عن أفكار؛ الأفكار عبارة عن كلمات حينما نحاول أن ننقل هذه الأفكار من العقل إلى الورقة. والكلمات عبارة عن أفكار حينما ننقل الكلمات من الورقة إلى العقل. وهنا تكمن اللعبة، لعبة إرسال الأفكار واستقبالها.

وبغض النظر عن مصداقية الأفكار وصدقها، أو سلبيتها وإيجابيتها. فإننا نزرع أفكار في الآخرين حينما نقول لهم شيء ما، حينما نكتب شيء ما، حينما نلعب دور (المرسلين) وكذلك نحن نزرع في عقلنا الأفكار حينما نسمع أو نقرأ شيء ما. حينما نلعب دور (المستقبلين). وهذا السر قد عرفه أصحاب الشركات العالمية، والمناصب العليا لكي يزرعوا أفكار في عقول العامة من الناس، أفكار تخدم مصالحهم وتجارتهم وسياستهم. نجد الأفكار التي يريدون أن يزرعوها مكتوبة على منتجاتهم الغذائية والثقافية والترفيهية، نسمعها في إذاعاتهم وقنواتهم الإعلامية.

نحن لا ننكر أن باستطاعة الإنسان الواعي، أن يحدد ما يريد أن يزرعه في عقله ومالا يريد أن يزرعه، من خلال قليل من الانتباه إلى ما يقرأ ويسمع ويرى. وليس هناك جديد في ذلك، ولكن أهمية الفقرات السابقة كانت تكمن فيما يلي.

حينما تكون الكلمات عبارة عن أفكار، والأفكار عبارة عن كلمات، فإن ذلك يعني أن تغيير سلوكياتنا وتصرفاتنا يكمن في تغيير شخصيتنا، وتغيير شخصيتنا يكمن في تغيير أفكارنا، وبما أن الأفكار عبارة عن كلمات، فلابد من تغيير الكلمات التي تكمن في عقلنا من أجل تغيير أفكارنا. أي من خلال الإنتباه للصوت تلك الأفكار، حينما نتحدث مع أنفسنا، حينما نخاطب عقلنا، فإن هناك كلمات دائما ما يستخدمها المرء، وهذه الكلمات هي المفتاح الأول لتغيير الأفكار، ثم تتغير الشخصي ثم تتغير التصرفات. فحينما يكون هناك شخص دائما ما نجده عبوس وكئيب، بسبب أو من دون سبب، في الأيام العادية وفي أيام المناسبات، بالصيف وبالشتاء. دائما ما تجده عبوسا، فحينما نفتح عقله سنجد الأفكار كئيبة تماما مثل تصرفاته، ثم نجد مصدر تلك الأفكار الكئيبة، مجرد "جمل" و "عبارات" مزروعة في عقله، عبارة مثل "العالم أصبح مأساة" ، "ضاق صدري" أو "ضاقت همتي" وهذه العبارات التي تكمن خلف الأفكار هي التي برمجت شخصيته على أن تكون كئيبة، يقوم بتصرفت وسلوكيات كئيبة.

عندما تبرز المشاكل أو الهموم أو الصراعات الحياتية اليومية بتكرار، في بداية الأمر قد لا تكون مشاكلنا المتكررة واضحة لنا، لأننا نعيش في حالة لا نقصدها، وغير واعيين بها، وهذا ما يجعلنا نغضب ونكرر الغضب، نكتئب ونكرر الاكتئاب، نكره ونكرر الكره.. نعيش في دوامة مفرغة، دوامة لا نجد فيها زاوية لنسترح بها، وفي الحقيقة فإن جوهر مشكلاتنا النفسية، سببها مشكلات باطنية عميقة، وقد لا نجد هذه المشكلات الباطنية على إنها "مشكلة"، لأنها دائما ما تكون واضحة، وبسيطة وصريحة، ولكن من شدة بساطتها ووضوحها أمام الانتباه، لا يدرك وجودها المرء.

هذه المشكلات الباطنية، هي العبارات الموجودة خلف التصرفات، تجدها كامنة خلف انتباهك، مزروعة في اللاوعي، وهي التي تتحكم بتصرفاتك، وهي السر وراء تكرار التصرفات السلبية، رغم انك تحاول أن تطور من نفسك وتتفادى التصرفات السلبية، ومحاولاتك هذه تنتهي بالفشل والسلبية.

أنت تعمل في ظاهر الأمور وتحاول تغيير القشرة الخارجية الخاصة فيك، فيما أن العبارات، تبث طاقتها باطنيا في لاوعيك، في تلك الحجرة المظلمة في عقلك..

فما عليك إلا أن تلقي بعض  النور والانتباه، وتنبش هنا وهناك في تلك الحجرة المظلمة، وما إن تجد عبارات سلبية، أو تتحكم بتصرفاتك مثل (العالم أصبح مأساة)، يمكنك أن تغيرها على الفور، مجرد أن تبدلها بعبارة أخرى، وتحرق تلك العبارة السلبية، بنار النسيان. وعند كل عادة سلبية أو طبع سلبي، غيّر تلك العبارات في اللحظة نفسها، وحينها ستجد أن العادة هذه تلاشت على الفور... بهذه السرعة، وبهذه البساطة.

العقل مثل الحاسوب، ما إن تعطيه أمر (مسح، حظر، أو إلغاء) فإنه يستجيب على الفور.

راقب هذا الصوت الداخلي، شاهده، عاينه، اسمعه... تقبله في بادئ الأمر، كن واعيا به، كن محيطا به، حينها يمكنك أن تغير تلك الكلمات والعبارات المزروعه فيك، الموجودة خلف تصرفاتك وشخصيتك وأفكارك... في تربة عقلك، حوّل تلك العبارات من عبارة سلبية إلى عبارة إيجابية.

هذا هو السر الذي أدركه أصحاب المناصب والسياسات والمصالح على مستوى العالم، سلوكيات الشعب تحكمها الشخصية، الشخصية تحكمها الأفكار، الأفكار تحكمها القناعات والجمل العقلية. كذلك يمكن زرع الأفكار الإيجابية في الآخرين من خلال الجمل التحفيزية الإيجابية التي يتلقونها.

هذا المقال تناول الكلام الواضح الصريح، هذه برمجة علنية واضحة، ولكن هناك برمجة تكون خبيثة إن استخدمها أصحاب المصالح، تكون على مستوى اللاوعي أو اللاشعور.. وهو ما يسمى بـ(الــبــلاغــة).
 

 

 

* * *

 

 

3 اكتوبر 2010


 

 

 

طباعة الصفحة من أجل طباعة الصفحة، تحتاج إلى قارئ PDF

 

  

 

 

للاتصال بنا

ahmad@baytalsafa.com

أحمد الفرحان -الكويت.

 

 

 

facebook

أحمد الفرحان

مجموعة الاسقاط النجمي

مجموعة التحكم بالأحلام

 

 

 

 

 

"لو كان الفقر رجل لقتلته" رغم حجم الصدقات التي يدفعها الشعب البترولي. إلا أن لا زال الفقر والمرض والطمع موجود. نحتاج إلى حياة جديدة تنفض الغبار لتنتعش الإنسانية من جديد.

مالك أمانة، فانتبه أين تصرفه.. للسلاح أم للسلام.

 

الدعم المعنوي لا يقل أبدا عن الدعم المادي، لأن كلاهما يعبران عن قدرتنا على صنع واقع صحي جديد.

 

 

____________________________

جميع الحقوق محفوظة بالملح وبعلب صحية